عبد الناصر لم يكن يبوح بما ينوي القيام به كما أنه كان من الممكن أن يعلن شيئًا وينفذ عكسه حتي يأمن جانب المعارضين له، وهو بهذا التصريح كان يريد تهدئة الموالين للملكية وكانوا كثيرين في تلك الفترة، ونفس الشيء حدث في اتفاقية الجلاء التي وقعتها مصر في العام ١٩٥٤ مع الإنجليز وكانت تنص في أحد بنودها علي إمكانية عودة القوات الإنجليزية لمنطقة القناة في حال تعرض أي دولة من دول حلف بغداد للاعتداء، وافق عبد الناصر علي البند لكنه أعلن تأميم القناة بعد أيام من جلاء آخر جندي إنجليزي عن مصر في ١٨ يونيو ١٩٥٦.عندما أعلن جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس ، شعرت فرنسا وبريطانيا أن عليهما فعل شيء ما، فكان الغزو الإسرائيلي الفرنسي البريطاني، ولكن بدون أمريكا التي أرادت دورا أكبر للأمم المتحدة لتدين مصر أولاً. ويعتبر بعض المؤرخين أن تأميم القناة كان خطأ أتسراتيجى دفعت مصر له ثمناً باهظاً لأنه كان سينتهى عقد الدول التى تشغل القناة لحسابها لمدة 99 سنة بعد قرار تأميم جمال عبد الناصر بـ 12 سنة فقط كما حدث مع هونج كونج الجزيرة التى كانت بريطانيا تستخدمها لمدة 99 سنة , وذلك حسب المواثيق الدولية بدأ هجوم إنجلترا وفرنسا واسرائيل في 29 من أكتوبر سنة 1956 م.. فانه قد سبقته ولحقته معارك سياسية بدأت مباشرة بعد اعلان قرار تأميم قناة السويس يوم26 يوليو1956 واستمرت حتي جلاء القوات المعتدية في 22 من ديسمبر 1956 م . وبهذا استغرقت هذه الحرب 150 يوما كاملة .
خطة أشتراك الدول الثلاثة فى الحرب
كانت هناك خطتين موضوعتين عن مكان انزال قوات الغزو..
الأولى الاسكندرية .. وكان هناك رأيين أحتلال مصر عن طريق الأسكندرية لإسقاط الحكم الثوري القائم بها والعملية بالتالي عبارة عن غزو بحري للاسكندرية تتلوه معركة علي الاتجاه الاستراتيجي الاسكندرية ـ القاهرة يتم فيها تدمير القوات المصرية.. وبعد ذلك تحتل قوات الغزو القاهرة.. وأخيرا تغلب الرأي القائل بأن الاسكندرية هي أنسب مكان لانزال قوات الغزو..
والثانية بورسعيد.. واصبحت أوأحتلال منطقة قناة السويس فقط ثم تطوير الغزو بعد ذلك ويشمل القاهرة إذا ساعدت الظروف .
فى صباح27 يوليو1956 م ـ بدأت حرب السويس أي في اليوم التالي مباشرة لاعلان الرئيس جمال عبد الناصر لتأميم قناة السويس ـ وذلك عندما جمع سير أنتوني ايدن ـ رئيس بريطانيا وقتها ـ رؤساء اركان حرب المملكة المتحدة وطلب منهم: اعداد خطة لعمل عسكري يستهدف انتزاع القناة من مصر.. واسترداد الهيبة البريطانية الضائعة في الشرق الأوسط..
موسى ديان - جى موليه - دافيد بن جوريون - أنتونى إيدن
وعلي هذا الأساس وضع رؤساء أركان حرب الإمبراطورية خطة الغزو باسم' العملية700' وهي تدخل في نطاق الحروب المحلية المحددة.
وفي اغسطس عرضت هذه الخطط علي سير ايدنكانف فرفض الخطة الأولى التى تقضى أحتلال الأسكندرية إذ انها تقتضي احتلال مصر كلها الأمر الذي سيستغرق وقتا طويلا.. بينما كان سير ايدن يرغب في توجيه ضربة حاسمة سريعة.. وفي هذا الوقت عرضت فرنسا مساهمتها الكاملة وأبلغت بريطانيا أنها علي استعداد لتقديم قوات بنسبة3:5 وقبل إيدن اشتراك الفرنسيين بأمل تحقيق عاملي : الحسم والسرعة.
***
عبدالناصر يصافح أنتونى ناتج وزير الدفاع البريطانى
وفي هذه المرحلة عرضت فرنسا علي بريطانيا فكرة إشراك إسرائيل في الغزو.. وكان السبب في حماسة فرنسا لهذا هو العداء العربي لسياستها الاستعمارية في شمال افريقيا وبزوغ المقاومة الجزائرية ومن ثم فقد بدأت فرنسا تلقي بالتبعة علي مبادئ القومية العربية وتعتقد أن القاهرة هي الموجهة والمثيرة للعداء العربي وحاملة راية التحرر والحرية ولذلك كله تلقفت اسرائيل الفرصة وأخذت تقترب من فرنسا وتبارك المشاعر الخبيثة التي تولدت في فرنسا وتؤكد انها ركيزتها وسندها الأول في الشرق الأوسط.
وعندما عرضت فرنسا علي بريطانيا اشراك اسرائيل رفض سير ايدن حرصا علي المصالح البريطانية الكثيرة في العالم العربي.
وقدم البريطانيون الي الفرنسيين خطة' العملية700' فوافق عليها الفرنسيون.. واتفقت الدول الثلاث علي أن يتولي الجنرال تشارلس كيتلي ( الانجليزي) القيادة العامة للحملة بينما يتولي الأدميرال الفرنسي بارجو منصب نائب القائد العام.. وبالمثل اتفق علي أن تكون القيادة للبريطانيين والنيابة للفرنسيين في كل فرع من أفرع العمليات والخدمات والقوات..
وتقرر ان تنتهي الاستعدادات ويبدأ الهجوم في منتصف سبتمبر وسميت الخطة بإسم هاميلكار .. وأخذت القوات البريطانية والفرنسية تتجمع فى قاعدتي الغزو في:' مالطة وقبرص' كما أمرت القوات بأن تضع' حرف: هـ ـH حتى يتعرفون على بعضهما البعض فى الحرب وهو الحرف الأول من اسم هاميلكار فوق خوذها وعلي اسطح عرباتها وطائراتها.. وقبل أن يجف الطلاء صدرت الأوامر بتغيير الخطة' هاميلكار' الي الخطة موسكتير.